النظافة أساس الصحة السليمة للفرد؛ لأنّ البيئة التي يعيش بها سوف تأثر عليه نفسياً واجتماعيّاّ وجسديّاً، فمن منا يصاحب الإنسان القذر؟ أو يعيش في بيئة غير نظيفة ومتسخة؟ ومن ذا الذي يقترب من آخر كريه الرائحة؟

اهتم الفرد منذ الأزل بنظافته اليومية، فيغسل وجهه فور الاستيقاظ من النوم، وينظف أسنانه مرتين يومياً، ويغتسل، ليرتدي ملابس أنيقة وناصعة البياض فمن يراه يدخل السرور إلى قلبه، كما أنّ المنزل النظيف يحبب ساكنه فيه، وتنظيفه بشكل يومي يحافظ عليه، فترتيب السرائر والأرائك وتنظيف المطبخ والأرضية، يجل منه مسكناً رحباً، يحتوي أفراد العائلة، وما حول البيت هو بيئة شاسعة، فتبدأ أنت بنظافتها من خلال العناية الاهتمام بفناء المنزل، وإزالة القمامة وإيداعها في الحاويات المخصصة.

اهتم الإسلام بالنظافة، واعتبر النظافة من الايمان، فيقول الله تعالى في كتابه الحكيم، "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" وحض على غسيل الجمعة، حيث صار لزاماً على المسلم أن يغسل جسمه كل جمعة، بالإضافة للوضوء اليومي خمس مرات باليوم، يجعل أعضاء الجسم بعيدة عن الأوساخ والأوبئة والجراثيم والميكروبات.

تعبّر النظافة عن الرقي والحضارة، فكثير من البلاد النظيفة قدوة للبلدان الأخرى، فهناك من الدول من لا تجد في شوارعها ورقة واحدة، على خلاف مدن أخرى منفرة للسياح، فلا يزورها أحد، والاهتمام بالنظافة مطلب عصري يتمناه الجميع، ويبدأ بالإرشاد والتوجيه، فإذا تربى الطفل على النظافة سيبقى نظيفاً وينظف ما حوله إلى أن يموت، حيث تلعب التنشئة هنا عاملاً مهماً، ومن ناحية أخرى تعاني الدول التي تسعى للحضارة والعصرية من دفع مواطنيها إلى النظافة الدائمة لبيئتهم؛ لأن تغير العادات صعب جداً ويتطلب وقتاً للممارسة.

يحمل الإنسان أخلاقه معه أينما ذهب، فإذا كان نظيفاً يكون سلوك النظافة مرافقاً له، فلا يجعل ما حوله في فوضى من القاذورات والأوساخ، بل يحافظ على المكان المتواجد فيه كالشاطئ، أو المنتزهات العامة، أو الفصل المدرسي أو غرفته الخاصة أيضاً، ودعا الإسلام إلى إماطة الأذى عن الطريق، كرفع القمامة، وإزالة الحجارة والزجاج المتكسر والأوراق وما يتراكم من رمال، وما يعيق الطريق والسائرين فيه، وأثاب الفاعل حيث له الأجر والثواب من عند الله في الدنيا والآخرة.

إنّ الحياة السعيدة والهانئة تأتي من كل ما نراه حولنا، وتأثيره علينا، فالأشجار المورقة، والأعشاب المقصوصة الخالية من بقايا الأطعمة والمشروبات، والشواطئ الذهبية، والبحر الأزرق الصافي، كلها مباعث للسرور وخاصةً للنفس، والحفاظ عليها بصورة صحيحة يسعد الجميع، والهواء النظيف يؤمن لك رئتين جيدتين تعيش بهما طويلاً، فإشعال الأدخنة سيلوث الجو ويصنع الحرائق ويدمر البيئة ويدمرك رئتيك وجازك التنفسي وجسمك معها؛ لأنك أحد عناصرها المهمة وقد تكون أحد عناصر دمارها أيضاً، فانتبه لكل ما متفعل، وكن حريصاً أشد الحرص على نظافة ما حولك كي تعيش عيشة هانئة.
الموقع :mawdoo3.com